هل يصح حرمان الهلال من الدعم المالي بعد الانسحاب من السوبر؟

يوليو 25, 2025 - 00:00
 0  0
هل يصح حرمان الهلال من الدعم المالي بعد الانسحاب من السوبر؟

في خضم الجدل الدائر حول انسحاب نادي الهلال من بطولة كأس السوبر السعودي، برزت آراء قانونية متعددة، كان من أبرزها ما طرحه مسلي آل معمر، الرئيس التنفيذي السابق لنادي النصر، الذي أشار فيه إلى أن المادة (59/4/3) من لائحة الانضباط والأخلاق تستوجب حرمان الهلال من الدعم المالي، بما في ذلك المخصصات المرتبطة ببرامج الاستراتيجية العامة للأندية وبرنامج الاستقطاب.

ومع كامل الاحترام لرأيه، إلا أن هذا الطرح يحتاج إلى وقفة قانونية متأنية، تتناول النص النظامي ضمن سياقه، وتُفرّق بين العقوبات الانضباطية من جهة، وبرامج الدعم التحفيزية من جهة أخرى.

سياق المادة محل الجدل

تنص المادة (59) من لائحة الانضباط والأخلاق الصادرة عن الاتحاد السعودي لكرة القدم على العقوبات المترتبة على امتناع فريق عن لعب مباراة رسمية. وفي الفقرة (4/3) منها يُذكر صراحة:

«يُحرم الفريق الممتنع من الحصول على أي مبالغ مالية مخصصة لدرجة اللعبة».

وبنظرة أولى، قد يبدو النص عاماً، لكنه في الحقيقة يتضمن قيوداً موضوعية يجب التوقف عندها. فالمادة تتحدث عن «مبالغ مخصصة لدرجة اللعبة»، أي تلك المرتبطة مباشرة بالمشاركة الرياضية في البطولة موضوع الامتناع. وهي مخصصات تأتي عادة من الاتحاد أو الرابطة، كحقوق البث، الجوائز، المبالغ التشغيلية للموسم، وليس من الوزارة.

الفرق بين الدعم النظامي والعقوبات الانضباطية

من حيث الطبيعة القانونية، فإن برامج مثل «استراتيجية دعم الأندية» و«برنامج الاستقطاب» هما مبادرتان سياديتان صادرتان عن وزارة الرياضة، وتخضعان لمعايير أداء فنية وتجارية ومالية، ولا تمتان بصلة مباشرة إلى لوائح الانضباط والأخلاق. وبتعبير أدق، فإن الجهة التي تقر الدعم هي التي تملك سلطة وقفه أو تعديله، وليس الاتحاد أو لجانه الانضباطية.

ومن هنا، فإن استناد أي جهة خارج وزارة الرياضة إلى نص انضباطي لتبرير وقف مخصصات استراتيجية، يُعدّ توسعاً غير مشروع في تفسير النصوص، ويُخرج المادة (59) عن سياقها.

لا ولاية للجنة الانضباط على أموال الوزارة

تجدر الإشارة إلى أن لجنة الانضباط والأخلاق لا تمتلك ولاية قانونية على ما تقرره وزارة الرياضة، ولا على ما تمنحه الرابطة من حوافز استراتيجية مبنية على تقارير الأداء والتحقق المالي والفني. وبالتالي، فإن أي قرار لوقف دعم الهلال على خلفية اعتذاره أو انسحابه من السوبر سيكون قراراً مجحفاً ينطوي على تجاوز النظام، ولا يستند الى أساس قانوني.

غياب السوابق القانونية

حتى الآن، لم يُسجّل أن تم حرمان نادٍ من برامج الدعم الوزاري بناءً على مخالفة انضباطية. وحتى في حالات الانسحاب السابقة أو العقوبات الأخرى كانت الآثار محصورة ضمن نطاق المسابقة «مثل إلغاء النتائج أو الحرمان من المشاركة التالية»، دون أن تمتد لتشمل حرماناً مالياً من برامج سيادية.

وهذا يُعزّز أهمية التريث في التفسير، وتجنب استباق النية النظامية للمشرّع، أو تحميل النص أكثر مما يحتمل

الاستنتاج القانوني.

إن المادة (59/4/3) من لائحة الانضباط والأخلاق لا يمكن أن تُفسّر على نحو يُرتب حرماناً تلقائياً من برامج الدعم الوزاري، ما لم يصدر قرار تنظيمي مستقل من الجهات المانحة نفسها. ويُفترض أن تظل العقوبات المنصوص عليها منحصرة في إطار اختصاص الاتحاد، دون أن تمس سياسات الدولة في دعم وتطوير الرياضة عبر برامجها الاستراتيجية؛

فالخلط بين العقوبات التأديبية والمبادرات التحفيزية يُربك المشهد القانوني، ويفتح الباب أمام تضارب الاختصاصات والتفسيرات، وهو ما يجب أن يُحسم بموقف رسمي واضح من الجهات المعنية، لا بالاستناد إلى اجتهادات فردية، مهما كانت مكانة أصحابها.

وفي النهاية، يبقى صوت النظام، لا الانطباع، هو الفيصل في حسم هذا الجدل.

ما هو رد فعلك؟

يحب يحب 0
لم يعجبنى لم يعجبنى 0
حب حب 0
مضحك مضحك 0
غاضب غاضب 0
حزين حزين 0
رائع رائع 0