السعودية من أرض البداية إلى استضافة كأس العالم

في يومها العالمي الأول، الذي يصادف 25 مايو، تتجاوز المستطيلات الخضراء حدود الرياضة لتصبح مساحة للسلام، ومنصة للتنمية، وجسراً يصل بين الشعوب والثقافات، ومن أحياء المدن إلى قاعات الأمم المتحدة، ومن هتاف الجماهير إلى نصوص القرارات الدولية، تفرض كرة القدم حضورها كلاعب عالمي يُحرّك العاطفة، ويُحرّك الاقتصاد، ويصنع التاريخ.
وفي قلب هذا المشهد، تقف السعودية شاهداً على تحوّل اللعبة من شغف شعبي إلى قوة تنموية حقيقية، بدأت قبل قرن في جدة، وتمتد اليوم نحو استضافة كأس العالم 2034.
اقتصاد عالمي
منذ انطلاقها كنشاط شعبي في الأحياء والمدارس تحوّلت كرة القدم إلى صناعة عالمية عملاقة تدرّ مئات المليارات سنوياً.
بحسب تقرير Deloitte Football Money League، بلغت إيرادات الأندية الأوروبية الكبرى وحدها أكثر من 30 مليار دولار في عام 2023، فيما تقترب القيمة السوقية للاقتصاد الكروي العالمي من 600 مليار دولار، تتوزع بين حقوق بث، رعاية، تذاكر، رخص تجارية، ومنصات رقمية.
في مونديال قطر 2022، تجاوزت إيرادات الفيفا 7.5 مليار دولار، وهو رقم تاريخي غير مسبوق، يؤكد أن كرة القدم باتت أحد أعمدة الاقتصاد الترفيهي العالمي.
الشغف يبدأ من جدة
تعود بداية كرة القدم في السعودية إلى ما يزيد على قرن من الزمان، وتحديداً في مدينة جدة مع تأسيس نادي الاتحاد عام 1927، الذي يُعد أقدم نادٍ سعودي.
منذ ذلك الوقت، تحوّلت اللعبة إلى وجدان شعبي ومكوّن من الهوية الوطنية، ليظهر بعدها جيل الأندية الكبرى، وفي مقدمتها نادي النصر، الذي دخل التاريخ عام 2000 كأول نادٍ سعودي وآسيوي يمثل القارة في بطولة كأس العالم للأندية في البرازيل، في إنجاز مهد الطريق لاحقاً لمشاركة الاتحاد والهلال ثم الأهلي.
من هواية إلى صناعة
شهد الدوري السعودي للمحترفين خلال العقد الأخير قفزة هائلة من حيث التنظيم والاستثمار والنقل التلفزيوني، وصولاً إلى الاستقطاب النوعي لأبرز نجوم العالم، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو، كريم بنزيما، ونغولو كانتي، وساديو ماني.
في موسم 2023-2024، تجاوز حجم إنفاق الأندية السعودية في سوق الانتقالات 900 مليون يورو، ما جعلها في المرتبة الثانية عالمياً بعد الدوري الإنجليزي، وفق تقرير FIFA Global Transfer Report.
كما سجلت مباريات الدوري السعودي أرقاماً قياسية في الحضور الجماهيري والتفاعل الرقمي، متفوقة على العديد من الدوريات الأوروبية في معدلات النمو.
السعودية وجهة كأس العالم
في أكتوبر 2023، أعلنت المملكة رسمياً استضافة بطولة كأس العالم 2034، لتكون ثاني دولة عربية تحتضن الحدث الكروي الأكبر، في خطوة تُوصف بأنها تتويج لرؤية السعودية 2030 التي جعلت من الرياضة محوراً أساسياً في التنمية والاستثمار، فالملف السعودي نال دعماً دولياً واسعاً، واستوفى كافة الشروط اللوجستية والتقنية، بما في ذلك البنية التحتية، وتوافر الملاعب الحديثة، والنمو المتسارع في الحضور الجماهيري، والدور الريادي للمملكة في تطوير الرياضة إقليمياً وعالمياً.
في يومها العالمي
25 مايو تأكيد عالمي على أن كرة القدم أصبحت قوة ناعمة تُسهم في بناء المجتمعات، ونشر التسامح، وتحفيز الاقتصاد، وتحقيق التقارب بين الشعوب.
ومن السعودية إلى العالم، تستمر كرة القدم في كتابة قصتها.. قصة بدأت بكرة على الرمال، وأصبحت الآن كرة تصنع التاريخ العالمي.